وشاركت مؤسسة دبي للمستقبل هذا العام للمرة الأولى في إعداد التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان «أفضل 10 تقنيات ناشئة لعام 2025»، بمشاركة أكثر من 300 من الخبراء والعلماء والباحثين والمستقبليين من حول العالم، ويسلط الضوء على أبرز التقنيات والتطبيقات الحديثة، التي ستسهم برسم صورة متكاملة لما سيكون عليه العالم في السنوات والعقود المقبلة.
وقد ركز فريق الأبحاث بمؤسسة دبي للمستقبل في التقرير على إبراز التأثير المستقبلي لهذه التقنيات على المدى الطويل، واستكشاف التحولات المتوقعة إذا وصلت هذه الابتكارات إلى إمكاناتها الكاملة، ودعم الخبراء وصناع القرار في فهم الإمكانات الواعدة للتقنيات الحديثة، وإلهامهم للتفكير في أفضل سبل توظيف هذه التقنيات وتطبيقها على أرض الواقع.
الاستشراف الاستراتيجي
إشارات لتحولات كبرى
دمج البطاريات بالهيكل يزيد مدى السيارات 70 % ويقلص انبعاثات الطيران 15 %
الطاقة الأوسموزية تصل إلى 20 % من احتياج العالم للكهرباء
الإمارات تستثمر 163 مليار دولار للوصول إلى 50 % من الطاقة النظيفة 2050
أدوية GLP-1 تمنح الأمل لـ55 مليون مريض «زهايمر» وسوقها يصل إلى 55.7 مليار دولار 2031
30 % من وقود الشحن من الأمونيا الخضراء بحلول 2050
كائنات دقيقة ذكية تنتج الدواء داخل الجسم وتخفض التكلفة 70 %
مستشعرات حيوية تعمل بالطاقة الذاتية وتغير مفهوم البنية التحتية
سوق النانو إنزيمات للتشخيص والعلاج يتجه لـ58 مليار دولار بحلول 2034
المدن الذكية تتخذ قراراتها بنفسها عبر أنظمة استشعار تعاوني
«توثيق محتوى الذكاء الاصطناعي» التزام قانوني والغرامات تصل إلى 38 مليون دولار
وهنا نستعرض التقنيات الـ 10 في التقرير:
1- بطاريات الهيكلة المركبة
وتعِد هذه التقنية بفرص اقتصادية جديدة، مثل إنشاء مصانع متخصصة في إنتاج SBCs تدفع بسوق جديد، يدمج بين صناعة البطاريات والمواد المركبة المتقدمة، ويمكن أن يَظْهر قطاع جديد بالكامل قائم على التصميم الذكي للمركبات والأجهزة والمباني، التي تخزن الطاقة داخل بنيتها نفسها، مع تقليل الاعتماد على بطاريات الليثيوم التقليدية، وهذه التقنية تفتح المجال أمام مواد بديلة محلية الصنع ومركبة، ما يُنوع مصادر التوريد، أما في مجال الاستدامة فإن تقليل الوزن والمواد يعني تقليل الانبعاثات على مدى عمر المنتج، إضافة إلى إمكانية إعادة الاستخدام والتدوير مستقبلاً إذا طورت المواد بشكل ذكي.
2- الطاقة الأوسموزية
وهذه التقنية توفر إمكانات هائلة للإنتاج، حيث يمكن أن تصل القدرة النظرية لإنتاج الطاقة من هذا النظام إلى 5,177 تيراواط/ساعة سنوياً، ما يعادل نحو 20% من احتياج العالم للكهرباء، إضافة إلى تحقيق التكامل مع البنية التحتية الحالية بدمج هذه التقنية مع محطات تحلية المياه، ما يحول نفايات المياه المالحة إلى مصدر للطاقة.
ومن فوائدها الاستراتيجية إمكانية توفير طاقة محلية لمدن الساحل والمناطق النهرية، ما يُعزز من أمن الطاقة المحلي، ويخفف الاعتماد على مصادر مركزية.
كما يُمكن دمجها مع مصادر أخرى مثل الطاقة الشمسية والرياح، ضمن أنظمة هجينة أكثر مرونة واستدامة.
3- التقنيات النووية المتقدمة
وهذه المفاعلات تغني عن التصاميم الضخمة المخصصة، وتقلل مدة الإنشاء من سنوات إلى شهور، كما يمكن استخدامها لتغذية المناطق النائية والمواقع الصناعية دون الحاجة لبنية تحتية معقدة.
وتدعم هذه التقنية أيضاً الصناعات كثيفة الانبعاثات، فالمفاعلات الغازية عالية الحرارة توفر حرارة تصل إلى 950°C، ما يُمكّن من إزالة الكربون في قطاعات، يصعب فيها التخفيض، مثل إنتاج الهيدروجين الأخضر، والصناعات الثقيلة، كما تقدم فرصاً استثمارية ضخمة ومبادرات حكومية، حيث تستثمر الإمارات 163 مليار دولار حتى عام 2050، للوصول إلى 50% طاقة نظيفة.
4- العلاجات البيولوجية المهندسة
تعتمد هذه التقنية على كائنات دقيقة معدلة وراثياً (مثل البكتيريا أو الخمائر أو الخلايا) تُزرع داخل جسم الإنسان، لتنتج مواد علاجية بشكل ذاتي وموجّه حسب حاجة الجسم، ما يُحدث ثورة في طريقة تلقي العلاج، ويخفض تكاليف التصنيع الدوائي، فالأدوية البيولوجية التقليدية يتم تصنيعها في معامل معقدة وبعمليات تنقية مكلفة تشكل نحو 70% من تكلفة الإنتاج، أما العلاجات الحية فتُنتج داخل الجسم نفسه، ما يلغي الحاجة إلى مراحل التصنيع النهائية، خصوصاً للأدوية مرتفعة السعر مثل علاجات السرطان والسكري.
من جانب آخر تحسن هذه التقنية كفاءة التوزيع والالتزام العلاجي، حيث تقدم العلاجات في شكل كبسولات أو منتجات غذائية حيوية، ما يلغي الحواجز اللوجستية المرتبطة بسلاسل التوريد التقليدية، كما يقلل إنتاج العلاج داخل الجسم من الحاجة إلى جرعات متكررة، ما يحسّن الالتزام العلاجي، ويقلل التكاليف الطبية المرتبطة بسوء الاستخدام أو الانقطاع.
5- علاج الزهايمر والباركنسون
هذه الأدوية سوف تفتح سوقاً ضخماً، حيث يعيش أكثر من 55 مليون شخص حول العالم مع «الزهايمر»، ولذلك من المتوقع أن يصل سوق أدوية GLP-1 إلى 55.7 مليار دولار بحلول عام 2031، كما يُنتظر نجاح هذه الأدوية في إبطاء تقدم المرض، ما يقلل من الحاجة إلى الرعاية المكلفة والطويلة الأمد.
6- الاستشعار البيوكيميائي الذاتي
هذه التقنية تقوم على وجود مستشعرات تعتمد على الإنزيمات والأجسام المضادة، أو حتى كائنات دقيقة مهندسة، وتُغذى ذاتياً بالطاقة عبر خلايا وقود حيوية، وترتبط لاسلكياً بأنظمة المراقبة والتحكم، ومن شأنها اقتصادياً تحقيق الأمن الغذائي عبر مراقبة الغذاء لحظياً، أما بيئياً فهي أنظمة مراقبة تشتغل ذاتياً، وتُحسّن استجابات الطوارئ البيئية، وتقلل خسائر التلوث.
وفي مجال الرعاية الصحية فهي تقلل الاعتماد على المرافق الطبية المركزية، وتوفر من تكاليف التشخيص المبكر والتدخل الوقائي.
كما تفتح أسواقاً جديدة، وتمثّل تحولات في البنية التحتية، سواء في المدن، والمصانع، وحتى المنازل.
ومع التطور الرهيب في الذكاء الاصطناعي يمكن للمؤسسات، التي تستثمر مبكراً في هذه التقنية تحقيق الريادة في البنى التحتية الحيوية الذكية.
7- تثبيت النيتروجين الأخضر
8- إنزيمات – محفزات صناعية تحاكي الطبيعة
هي مواد نانوية مصنعة معملياً، تحاكي وظائف الإنزيمات الطبيعية، لكنها أكثر تحملاً، وأرخص إنتاجاً، وأسهل تصنيعاً.
مصنوعة من جسيمات معدنية أو أكاسيد معدنية أو كربونية، وتتميز بقدرتها على أداء تفاعلات كيميائية في ظروف قاسية، لا تتحملها الإنزيمات البيولوجية، ومن شأنها خلق سوق عالمي سريع النمو، حيث بلغت القيمة السوقية لها 5.13 مليارات دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 57.95 مليار دولار بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يتجاوز 27%، وهي تستخدم في التشخيص الطبي المبكر، وتنقية البيئة، والعلاج الموجه، والصناعة والعمليات التحفيزية.
ويمكن عن طريقها خفض تكاليف الرعاية الصحية في أمراض السرطان والأمراض العصبية، فهي تتيح توصيل الدواء بدقة، وتقلل الآثار الجانبية، كما توفر حلولاً فعالة للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ما يقلل من التكاليف المرتبطة بالمضاعفات العلاجية، كما يمكن دمجها مع الهواتف الذكية لتوسيع إمكانية الوصول إلى التشخيص في المناطق الفقيرة بالموارد.
9- أنظمة المراقبة الذكية
كما توفر هذه التقنية الوقود في النقل، حيث يقلل تشكيل الشاحنات الذكي Truck Platooning استهلاك الوقود بنسبة 5 - 10%، وتُمكّن المدن الذكية من إعادة توزيع الموارد، وتنسيق الطوارئ بفعالية أعلى، ما يقلل الخسائر الاقتصادية وقت الكوارث، كما تمثل تحولاً في البنية التحتية الرقمية، حيث إن توسيع شبكات 5G والاتصال فائق الدقة (دقة 0.1 متر بنسبة 99.9%) سيدفع باستثمارات ضخمة في قطاع الاتصالات، ويُمهد الطريق لأنظمة حضرية مترابطة بالكامل.
10- حقوق الملكية الفكرية
هذه التقنية سوف تحدث أيضاً تحولات كبيرة في الصناعات الإبداعية والإعلامية، فالمبدعون الذين يملكون محتوى موسوماً سيكونون في موقع مميز، لتسويق أعمالهم بثقة وسعر أعلى، خصوصاً مع انتشار البدائل المصطنعة، كما ستفتح المجال أمام شركات التأمين والقانون لإعادة تسعير الخدمات بناء على مستوى «توثيق المحتوى»، وقد بدأ كل من الصين والاتحاد الأوروبي وكاليفورنيا إقرار تشريعات تفرض الوسم، مع غرامات تصل إلى 7% من الإيرادات السنوية أو 38 مليون دولار، ما يدفع الشركات إلى الامتثال، أو المجازفة بالإقصاء من الأسواق.